مقدمة
تحسين جودة الهواء داخل المنازل لم يعد ترفًا بل ضرورة صحية، خصوصًا في البيئات الحضرية أو عند وجود مرضى الربو والحساسية. إحدى أهم وسائل تنقية الهواء المعتمدة عالميًا هي فلاتر HEPA، وتحديدًا فئة H13. في هذا الدليل التفصيلي، سنستعرض تصنيفات فلاتر HEPA، آلية عملها، تأثيرها الصحي، ومعايير اختيار الأنسب للاستخدام المنزلي.
أولًا: ما هي فلاتر HEPA؟ وكيف تعمل؟
HEPA هو اختصار لـ "High Efficiency Particulate Air"، وهي فلاتر هواء عالية الكفاءة صُممت لالتقاط الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًا. تم تطوير هذا النوع من الفلاتر في أربعينيات القرن الماضي لتصفية المواد المشعة، ولاحقًا أصبح معيارًا لتنقية الهواء في المستشفيات، الطائرات، والمنازل [1].
تعتمد فلاتر HEPA على ثلاث آليات رئيسية في الالتقاط:
- الاعتراض (Interception): تلتقط الجسيمات التي تمر قريبة من ألياف الفلتر وتلتصق بها.
- التصادم بالقصور الذاتي (Impaction): الجسيمات الأكبر تُجبر على الخروج عن مسار الهواء وتصطدم بألياف الفلتر.
- الانتثار (Diffusion): الجسيمات الدقيقة جدًّا تتحرك بشكل عشوائي وتلتصق بالألياف.
هذه الآليات تجعل الفلتر قادرًا على التقاط ما يصل إلى 99.97% من الجسيمات بحجم 0.3 ميكرون، وهو الحجم الأكثر اختراقًا (MPPS) [2].
ثانيًا: تصنيفات فلاتر HEPA حسب معيار EN 1822
يقسّم المعيار الأوروبي EN 1822 فلاتر HEPA إلى عدة درجات:
- H10–H12: تزيل 85–99.5% من الجسيمات، تُستخدم غالبًا في الأجهزة المنزلية منخفضة الكفاءة.
- H13: تزيل 99.95% من الجسيمات ≥0.3 ميكرون، وتُعتبر مثالية للمنازل والمكاتب والمدارس.
- H14: تزيل 99.995%، تُستخدم في غرف العمليات، المختبرات، وصناعات الأدوية [3].
يتم اختبار الفلاتر وفق معايير دقيقة تشمل اختبار التسرب (leak test) وتحليل كفاءة الالتقاط، ما يجعل فئة H13 معتمدة حتى في بعض البيئات الصحية.
ثالثًا: الفرق بين HEPA H13 وH14 في الاستخدام المنزلي
رغم تقارب النسب، إلا أن الفروق بين H13 وH14 تؤثر عمليًا:
- مقاومة الهواء: فلاتر H14 أكثر كثافة، ما يعني أنها تحتاج إلى مراوح أقوى. في الأجهزة المنزلية، قد يؤدي ذلك إلى خفض فعالية التنقية أو رفع استهلاك الكهرباء.
- السعر والصيانة: فلاتر H14 أغلى، وتتطلب تبديلًا في دورات أقصر لضمان الأداء.
- الأمان الداخلي: H14 توفّر حماية قصوى في بيئات حرجة، لكنها ليست ضرورية في المنازل إلا إذا وُجدت حساسية مفرطة أو أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي [4].
لذا، فإن H13 تُعد الخيار المتوازن الأفضل للبيئة المنزلية.
رابعًا: فلاتر ULPA – تنقية تتجاوز الحاجة المنزلية
ULPA، أو "Ultra-Low Penetration Air"، تلتقط 99.9995% من الجسيمات ≥0.12 ميكرون. تُستخدم هذه الفلاتر في غرف نظيفة (Clean Rooms) لتصنيع أشباه الموصلات والأدوية البيولوجية. لكنها غير مناسبة للمنازل بسبب:
- انخفاض معدل تدفق الهواء بشكل كبير.
- استهلاك طاقة مرتفع جدًا.
- تكلفة تشغيلية وصيانة عالية [5].
خامسًا: الفوائد الصحية المؤكدة لفلاتر HEPA
- تقليل أعراض الربو والحساسية: أظهرت دراسة في Journal of Allergy and Clinical Immunology انخفاضًا في أعراض الربو بنسبة 24% عند استخدام فلاتر HEPA في منازل الأطفال المصابين [6].
- تقليل الجسيمات الدقيقة PM2.5: بحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، تعمل فلاتر HEPA على خفض تركيز PM2.5، وهي جسيمات ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية [1].
- تحسين النوم وجودة التنفس: تحسين جودة الهواء الليلي يساعد في الحد من الشخير، مشاكل التنفس الليلي، وجودة النوم عمومًا، خاصة لدى كبار السن ومرضى الانسداد الرئوي المزمن [7].
- الحماية من الفيروسات: رغم أن بعض الفيروسات أصغر من 0.3 ميكرون، إلا أن فلاتر HEPA تلتقطها من خلال آلية الانتثار. دراسة نُشرت في Aerosol and Air Quality Research أكدت فعالية الفلتر في إزالة ما يصل إلى 99.9% من الفيروسات المحمولة جوًا في بيئات اختبارية [8].
سادسًا: نصائح لاختيار أفضل فلتر HEPA H13 للمنزل
- تحقق من الشهادة: ابحث عن ملصق يوضح مطابقة الفلتر لمعيار EN 1822 أو ISO 29463.
- احسب معدل تغطية الغرفة (CADR): تأكد أن الجهاز يمكنه تغطية حجم الغرفة بالكامل 4 مرات في الساعة.
- افحص وجود فلتر أولي (Pre-filter): يحجز الغبار والشعر، مما يطيل عمر HEPA.
- اختر أجهزة مغلقة جيدًا: التسريبات حول الفلتر تقلل من كفاءته بشكل كبير.
- اتبع جدول تغيير الفلتر: عادة كل 6–12 شهرًا حسب الاستخدام. تجاهل هذا يؤدي إلى تراكم الجسيمات وانخفاض الأداء.
- لا تنسَ الصيانة: تنظيف الفلتر الأولي ومراوح الجهاز بانتظام يمنع نمو العفن ويحافظ على فعالية التنقية.
سابعًا: هل HEPA كافٍ وحده؟
في بعض الحالات، يكون من المفيد دعم HEPA بعناصر تنقية إضافية مثل:
- الفلتر الكربوني: لامتصاص الروائح والغازات.
- الأشعة فوق البنفسجية UV-C: لتعقيم الهواء من البكتيريا والفيروسات.
- أجهزة استشعار جودة الهواء: لضبط التشغيل تلقائيًا حسب مستويات التلوث.
قائمة المراجع
- U.S. Environmental Protection Agency (EPA). “What is a HEPA Filter?”
- European Committee for Standardization. EN 1822: High-efficiency air filters (HEPA and ULPA).
- International Organization for Standardization (ISO 29463-1:2017). “High-efficiency filters and filter media for removing particles in air.”
- World Health Organization (WHO). “Roadmap to improve and ensure good indoor ventilation.”
- Institute of Environmental Sciences and Technology (IEST). “ULPA Filter Applications.”
- Sublett JL et al. “Air filters and air cleaners: Rostrum by the American Academy of Allergy, Asthma & Immunology.” J Allergy Clin Immunol.
- Allen RW et al. “Residential air cleaners and asthma.” Am J Respir Crit Care Med.
- Chen CC et al. “Removal of virus aerosols by the combination of a high-efficiency particulate air filter and UV germicidal irradiation.” Aerosol and Air Quality Research.