فرشاة الأسنان: أكثر مما تظن
يعتقد كثير من الناس أن فرشاة الأسنان نظيفة بطبيعتها، لكنها في الواقع بيئة خصبة لنمو الميكروبات عند إهمال العناية بها. فمع تكرار الاستخدام، وتعرضها للرطوبة والهواء المحمل بالجراثيم، تصبح عرضة للتلوث البكتيري والفيروسي والفطري.
دراسة طبية شهيرة (Taji & Rogers, 1996) كشفت أن فرش الأسنان قد تحتوي على ملايين من الكائنات الدقيقة خلال فترة قصيرة، ما قد يؤدي إلى التهابات الفم، أو نقل العدوى من شخص لآخر في حال تشارك الفرش أو حفظها في أماكن غير معزولة.
كيف تتلوث فرشاة الأسنان؟
فرشاة الأسنان يمكن أن تتلوث بعدة طرق:
- عند ملامستها المباشرة لمعجون الأسنان أو اللثة التي قد تحتوي على بكتيريا وفيروسات.
- من خلال تخزينها في أماكن رطبة أو مغلقة بدون تهوية.
- بسبب الرذاذ المتناثر من المرحاض عند السيفون، والذي يحتوي على قطرات دقيقة محملة بالجراثيم (Gerba et al., 1975).
- عند ملامستها لفرش أخرى أو أسطح غير معقمة.
- باستخدامها بعد مرض معدٍ دون تنظيف أو استبدال.
تعقيم فرشاة الأسنان بالأشعة فوق البنفسجية: فعالية مثبتة
أجهزة التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية (UV-C) تعمل على تدمير الحمض النووي للميكروبات، مما يمنعها من التكاثر. وفقًا لدراسة منشورة في Journal of Clinical Dentistry، أدى استخدام جهاز تعقيم UV إلى تقليل الحمل البكتيري على فرش الأسنان بنسبة تصل إلى 99% (Boylan et al., 2003).
العديد من الدراسات السريرية أثبتت فعالية هذه التقنية في القضاء على بكتيريا مثل Streptococcus mutans وLactobacillus، وهي من أبرز مسببات تسوس الأسنان ورائحة الفم الكريهة.
أهمية تجفيف الفرشاة بعد الاستخدام
البيئة الرطبة تعزز نمو الكائنات الدقيقة. دراسة في New York State Dental Journal (Mehta et al., 2007) أوضحت أن الفرش المبللة تحتفظ بمستوى أعلى من الجراثيم مقارنة بتلك التي تُجفف جيدًا.
التجفيف يقلل من احتمالية تشكل الأغشية الحيوية (biofilm)، وهي طبقات رقيقة من البكتيريا يصعب التخلص منها وتلتصق بشعيرات الفرشاة. استخدام مناشف نظيفة أو وضع الفرشاة في حامل يسمح بتدفق الهواء من أفضل الطرق لتجفيفها.
خطر ترك الفرشاة مكشوفة في الحمام
الحمام بيئة غنية بالميكروبات، خصوصًا عند سحب السيفون، حيث تنتشر جزيئات دقيقة في الهواء لمسافات قد تتجاوز المترين. وفقًا لـ Gerba et al. (1975)، يمكن لرذاذ المرحاض أن يحمل بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli) وغيرها إلى الأسطح المحيطة، بما في ذلك فرش الأسنان.
ترك الفرشاة مكشوفة على الحوض أو بالقرب من المرحاض يزيد من خطر تعرضها لهذا الرذاذ، لذا يُفضل حفظها داخل خزانة أو في حافظة مغلقة تسمح بالتهوية.
ما العلاقة بين نظافة الفرشاة وصحة اللثة والأسنان؟
فرشاة الأسنان الملوثة لا تزيل البكتيريا فقط، بل قد تعيد إدخالها إلى الفم، مسببة التهابات لثوية مزمنة وتفاقم أمراض اللثة. بقاء الميكروبات على الشعيرات يمكن أن يثبط فعالية معجون الأسنان ويزيد خطر التآكل الحمضي وتكون الجير.
كما أن الأطفال وكبار السن ومرضى السكري معرضون أكثر لمضاعفات التلوث الفموي، مما يجعل العناية بأدوات النظافة الشخصية ضرورية لهم بشكل خاص.
تأثير التهوية والرطوبة في الحمام على التلوث
تُعد تهوية الحمام أحد العوامل المؤثرة في تقليل أو زيادة فرصة تلوث فرشاة الأسنان. في الحمامات المغلقة أو التي لا تحتوي على شفاطات هواء فعالة، تحتفظ الرطوبة بمستوى مرتفع، مما يعزز من فرص نمو الفطريات مثل Candida albicans على أدوات الحمام، بما في ذلك الفرش.
لذلك يُنصح بتهوية الحمام بعد كل استخدام وتشغيل المراوح أو ترك الأبواب مفتوحة عندما يكون ذلك ممكنًا.
متى يجب التخلص من فرشاة الأسنان؟
حتى مع العناية الجيدة، تبقى الفرشاة محدودة العمر. توصي الجمعية الأمريكية لطب الأسنان (ADA) بتغيير الفرشاة كل 3 إلى 4 أشهر، أو فورًا بعد الإصابة بنزلة برد أو التهاب في الحلق، لأن الفيروسات قد تبقى على الشعيرات لفترات طويلة.
أيضًا، إذا لاحظت تآكل الشعيرات أو فقدانها للمرونة، فهذا مؤشر واضح على ضعف فعاليتها.
تأثير مواد التنظيف الأخرى على الفرشاة
يلجأ البعض لاستخدام الكحول أو غسولات الفم لتعقيم الفرشاة، إلا أن الدراسات تشير إلى أن هذه المواد قد تؤثر سلبًا على مرونة الشعيرات مع التكرار، ما يجعل الأشعة فوق البنفسجية خيارًا أكثر أمانًا وفعالية طويلة الأمد.
كما أن غلي الفرشاة أو تعريضها للحرارة الشديدة قد يتلف البنية البلاستيكية، مما يقلل من كفاءتها في التنظيف.
خطوات موصى بها لحماية فرشاة الأسنان:
- غسل الفرشاة بالماء الساخن بعد كل استخدام.
- تجفيفها جيدًا وتركها في مكان جيد التهوية.
- استخدام جهاز تعقيم بالأشعة فوق البنفسجية مرة كل يومين إلى ثلاثة.
- عدم مشاركة الفرشاة مع أي شخص آخر.
- حفظها في حافظة محكمة بعيدًا عن المرحاض.
- استبدالها كل 3 أشهر، أو بعد الإصابة بأي عدوى فموية.
- عدم نقعها لفترات طويلة في محاليل كيميائية.
- إبقاؤها قائمة عند التخزين لتسريع الجفاف.
- تهوية الحمام جيدًا لمنع تراكم الرطوبة والبكتيريا.
- تنظيف حاملة الفرشاة بانتظام.
المراجع:
- Taji, S. S., & Rogers, A. H. (1996). The microbial contamination of toothbrushes. A pilot study. Australian Dental Journal, 41(2), 128–130.
- Boylan, R., Li, Y., Simeonova, L., Sherwin, G., & Bartizek, R. D. (2003). Efficacy of a new toothbrush sanitizer in reducing bacterial contamination on toothbrushes. Journal of Clinical Dentistry, 14(3), 75–79.
- Mehta, A., Sequeira, P. S., & Bhat, G. (2007). Bacterial contamination and decontamination of toothbrushes after use. New York State Dental Journal, 73(3), 20–22.
- Gerba, C. P., Wallis, C., & Melnick, J. L. (1975). Microbiological hazards of household toilets: Droplet production and the fate of residual organisms. Applied Microbiology, 30(2), 229–237.
- American Dental Association. (2020). Toothbrush care: Cleaning, storing and replacement recommendations.